جلست تنظر إلى الباب و الأشواق تعتصرها لتلك اللحظة التي يأتي فيها ليخلصها من ذلك الكابوس الذي تحياه و أحال حياتها إلى جحيم . تود لو تخترق عيناها الباب لتراه في البعد و هو قادم . تنهدت بقلة صبر كأنها تستحثه أن يسرع . راجعت جلستها على السرير ، ذلك الغطاء الباهظ الثمن الذي تتدثر به و تلك الورود المنتشرة في كل مكان . عندما أرجعت عينيها للباب وجدته واقفاً – تهللت أساريرها كادت تطير من الفرح – لكنها لا تستطيع تبين ملامحه فالظلام يحيط به بينما عيناها في النور .
ظلت تجاهد حتى ترى ملامحه لكن دون جدوى ، مدت يدها إلى الأمام تستحثه على الاقتراب ،أومأ برأسه كأنه فهم ما تريد ، بدأ يقترب لتتضح ملامحه في النور .
جزعت .. صرخت صرخة رعب اهتزت الغرفة من قوتها ، تحولت يدها الطالبة في التقدم إلى يد تود لو تدفعه إلى حيث أتى .
تذكرت لحظات تمنيها الموت حتى تتخلص من حياتها الكئيبة بدأت كلماتها تتردد كأنها تذكرها بفداحة ما تمنت :” يا رب أموت ” ظلت عيناها تراقبه وهو يقترب منها حتى اتضحت ملامحه بالكامل ..ذلك السواد الذي يرتديه ، وجهه الشاحب ، عيناه الجامدتان ، أنيابه اللامعة التي لازالت الدماء تتساقط منها و ابتسامة الظافرة .
صرخت بكل قوتها “لا” . لم تشعر بعدها سوى بشيء كالثلج على جبهتها و رعشة تمتد إلى أوصالها ، برودة أشد من برودة الثلج ، حرارة أشد من حرارة النار .
قبله حانية على جبهتها تفتح عينيها بصعوبة ترى أشباحاً تميز بينهم وجه ألفته … أمها تطمئنها ” دور برد و حيعدي ماتخافيش “
تجفف قطرات العرق من على وجهها .
تحاول الكلام لكن حلقها يؤلمها . تسترق السمع لما حولها لكن هناك طنين يكاد يذهب بسمعها . تغلق عينيها ، تتذكره ، تراه ، تفتحهما مذعورة تنتفض تنظر إلى لا شيء تحتضنها أمها .
تغني لها أغنيتها المعهودة لتنام … تردد الشهادة لترقد في ثبات ………
تشعر بيد حانية على وجنتيها تفتح عينيها .. ترى أمها :” الحمد لله الحرارة نزلت .. ربنا كتبلك عمر جديد.
تردد : ” عمر جديد ……… عمر جديد.
رين سمير
إهداء إلى كل من أعاد للوجود الوانه