جلست بجوار جثته الممددة على ظهرها دون حراك ترتعش و تتساقط الدموع من عينيها بغزارة و هي تنظر إلية دون أن تشعر بما حولها من مكان أو زمان ،ردد صوتها الواهن و كأنه يخرج من جوف بئر عميق أو من شيخ عجوز بلغة الهرم :-“لم أعد أهابك بعد الآن ،لم أعد أتلاشاك لقد قتلت خوفي بيدي و فككت قيود اسري ،قضيت على كابوس حياتي المزعج فما أنت سوى حشرة لا تزيد إنني لأندم على الأيام التي قضيتها خائفة منك و على الأيام التي تركتها لك ولأمثالك لتحياها على وجه الأرض لكن لن يحدث هذا بعد الآن ” .
بدأت تستعيد شريط معركتها معه تتذكر مدى رعبها منه و كيف وقفت ترتعش أمامه . همت بالصراخ ، لكن لمن إنها وحيده في منزلها ، حاولت الجري لكن قدميها شلت ، جاهدت وجاهدت لكن دون جدوى ، نظرت إليه مرة أخرى فإذا بعينيها تجحظ و تفتح عن آخرها .
إنها لا تجده ،أين هو ؟؟ ظلت تبحث كالمجنونة في كل الأركان كأن عينيها تلتهم ما حولها باحثة عنة ، وإذا بصرخة رعب تنطلق من داخلها …… إنه بجوارها لا يفصلها عنة سوى بضعه خطوات . نظرت إليه وهو يقترب منها متحسساً طريقه إليها …… ماذا أفعل ؟؟ ماذا أفعل ؟؟ تردد السؤال في عقلها . صم أذنيها وهو لا يزال يقترب لامست أرجله أرجلها … هنا لم تشعر بنفسها إلا و يديها تهوي عليه دون شعور و صوت أنفاسها يتردد يصم أذنيها ، انطبقت أسنانها لا تسمح حتى بالهواء ينفذ منها ، تطايرت الدموع من عينيها كشظايا قنبلة انفجرت ، أو كجمرات هاربة من النار … لم تتركه إلا جثة هامدة ، ثم خرت على ركبتيها تبكي بصوت مسموع .
أخيراً أفاقت من هذا الكابوس ،أرتعش جسدها وأشاحت بوجهها عن جثته لتزيحه عن مخيلتها.
حاولت الوقوف ململمة شتات نفسها لتستعيد صلابتها مرة أخرى . جففت دموعها و نظرت إليه نظرة احتقار ثم ذهبت إلى المطبخ و عادت بعد ثوان تحمل في يديها الفرشاة و الجاروف حملت عليه جثة القتيل ، ألقته في سلة المهملات ، قالت (مرددة في حنق) :- ” هيا إلى حيث يجب أن تكون فبعد الآن لم تعد في حياتي نقطة ضعف …… نعم لن تعد في حياتي نقطة ضعف.”
فتحت كل نوافذ البيت ، أزاحت كل الستائر و جلست تستنشق الهواء كأنها تتنفسه لأول مرة .
رين سمير
إهداء إلى كل من أعاد للوجود الوانه