وعيت على الدنيا و انا اراه دائماً بمفردة يشترى الخضروات و الفاكهه ، ينشر غسيلة ، يعد قهوتة الصباحية لياخذها مع الجريدة التى اعتاد على اقتناءها و هو عائداً من صلاة الفجر بهرنى بهدوءة ، اتزانة و الوقار الذى يطل من تصرفاتة . ازدادت مرات رؤيتى لة بعد خروجة على المعاش فلقد كان تقريبا يسكن الشرفة وحدها دوناً عن باقى شقتة اثار فضولى الدموع التى سكنت عينية لا تغادرها و الحزن المكتسح لملامحة و حواراتة التى بدات اسمعها في الفترة الاخيرة مع نفسة حتى كنت يوما ً مع امى في الشرفة فإذا بجارة لنا تقف امامنا بعد طول غياب سالتها امى عن صحتها و سر غيابها فبدات تحكى عن اجهادها في السهر على زوجها المريض حتى شفاه الله و خدمة اطفالها خلال الامتحانات فجاه و جدت دموعه تخونة و تندفع بغزارة لينطلق داخل شقتة و يختفى بداخلها .
ذات يوم ذهبت الى جدتى الزيارة الاسبوعية – و هى جارة لنا اقدم ساكنة في الحى اعتاد الجميع على ان ينادونها بالجدة لكبر سنها و اتفق الجميع ان يزورها واحدا من ابناء العمارة يوما في الاسبوع لنقضى حوائجها و كان ذلك اليوم دورى – تجاذبت معها اطراف الحديث ليأتى اسم ذلك الجار الحزين دائما فإذا بها تقول ” اة الواد دة يا ما شاف يا كبدى دة كفاية امة الله يرحمها بأه ماتجوزش عليها الا الرحمة انتى عارفة يا بت و الله الواد دة ضيع من ايدة جوهرة البت ابتسام عارفاها ؟؟ اللى سافرت مع جوزها السعودية .. كانت بت جدعة و شاطرة لكن منها لله امة وقعت بينهم كانت بتغير علية اوى و وقفتلة في الجوازة لحد ما بوظتها و مش الجوازة دى بس لا كل جوازة يا عينى تطلعلة القطط الفاطسة لحد ما اهو شوفى قاعد بطولة كانت نفعتة باية هى دلوقتى ؟؟ يلا الله يرحمها باة انتى عارفة كان عندى من كام يوم و عيط اوى و قالى دة انا خايف اموت و محدش يحس بيا و انا لوحدى ؟ و النبي نكد عليا يلا ربنا يعينة … فين يا بت طبق المهلبية اللى جبتية ؟؟ ” ناولتها اياه و شردت في حالة و جراحة التى لا طاقة لمخلوق بها و فجاة سمعت ضوضاء في الشارع يصاحبها صوت جرس اشبة باجراس المزادات هرولت الى الشرفة فإذا بهذا الرجل المتزن يقف في الشارع بالبيجامة يدق جرساً صغيراً بين اصابعه و يصرخ
حد عايز قلب فاضى قلب طيب قلب هادى
قلب كلة حنان و عطف يخطفك من الحزن خطف
مستعد يحب حتى قلب عايز ينسى ماضى
تضحك السيدات ” الراجل اتجنن ” تقول احدى المطلات من شرفتها و يقفز الاطفال حولة ضاحكين و مصفقين نظرت الية في ذهول غير مستوعبة ما يحدث فإذا بة يكمل
قلب شاري مش ببيعة قلب غالى و مش هيرخص
قلب لسة في عز ربيعه بس نفسة في قلب مخلص
تسقط دموعه و لكنة يصر على الابتسام و الاكمال رغم استهزاء المحيطين و تعالى ضحكاتهم
قلب ناوى يحب حبيبة اد كل الناس ما اتحبو
و اللى شوقة في يوم هيجيبة يا هناه و يا فرح قلبة
يقترب من شباك ابتسام حبة القديم و التى سكن شقتها سكان اخرون يستند براسة علية قائلاً بصوت وضح فية البكاء هذة المرة
مين يقرب مين يجرب قلبي اولى قلبي اقرب
و مستعد يحب حتى قلب عايز ينسى ماضى
تمصمص السيدات شفتيها ” يا عينى الراجل اتلحس الله يمسيها بالخير ابتسام و الله ربنا بيحبها نفدت من المجنون دة و امة “و يتبعه الاطفال صائحين ” المجنون اهو … المجنون اهو ” انظر الية من خلف دموعى و هو يسير الى اخر الشارع ليبتلعه الطريق ولا يبقى منة سوى صوت نداءة
حد عايز قلب فاضى قلب طيب قلب هادى .
حد عايز قلب فاضى قلب طيب قلب هادى .
رين سمير
اهداء الي من اعاد للوجود الوانه